أحلام اليقظة
نعمة من نعم الله على الإنسان يستطيع من خلالها أن يفرغ كثيرًا من معاناته
النفسية. كما أنها تخفف كثيرا من الضغوط التي يتعرض لها الإنسان أثناء
ممارسة حياته اليومية. وتعتبر أحلام اليقظة في حدود الصحة النفسية إذا لم
تؤثر على أنشطة وفعاليات وواجبات الإنسان اليومية. وتعتبر وسيلة للتنفس عن
بعض الرغبات المكبوتة أو المحبطة وهي بذلك تؤدي فائدة كبيرة لكثير من الناس
حينما تقسو عليهم ظروف الحياة ، ثم إن أحلام اليقظة قد تكون أحياناً من
أسباب تجديد القوة وإثارة الهمة وزيادة المجهود لتحقيق ما يصبو إليه
الإنسان.

كما أن أحلام اليقظة ظاهرة طبيعية جدًّا إذا
كانت في حدودها المعقولة، وهي منتشرة في الأطفال والمراهقين والبالغين على
حد سواء ولكنها تقل مع تقدم السن، وهذه الأحلام تؤدي إلى خروج الإنسان من
حالة الحزن والقلق والتوتر والكآبة ويفسرها البعض على أنها انعكاس لمدى
طموح الإنسان. وتقوم أحلام اليقظة بدور كبير في حياة الناس عامة كوسيلة
دفاعية يتحقق بها الإشباع الخيالي للرغبات المعاقة أو المكبوتة ، أو كوسيلة
للهروب من الواقع القاسي المؤلم، أو كوسيلة للتعويض عن فشل أصاب الإنسان.

ولأحلام اليقظة أنواع كثيرة فمنها أحلام البطولة وأحلام العدوان وأحلام
الاستشهاد و أحلام الحب . وقد تكون نتيجة للشعور بالذنب أو لرغبة في
التكفير عن ارتكاب ذنب أو خطأ ما، أو لرغبة في الحصول على اهتمام وعطف
الناس.

ولأحلام اليقظة مضاراً أيضا وتتميز ببعض
السلبيات وتكون مرضية، ويحدث هذا إذا أدت إلى انفصال الإنسان عن الواقع من
حوله وانشغل بها معظم الوقت، وأثرت على نشاطاته العملية والاجتماعية، وترتب
عليها تصرفات غريبة أو سلوك شاذ، وتداخلت معه على نحو معوق أو ضار وتكون
هي الوسيلة الوحيدة لملء أوقات الفراغ ثم تتمدد لتملأ أوقات العمل على حساب
حقوق الذات والآخرين وأصبحت نوعاً من الهروب أو الانسحاب من الواقع.

والمشكلة ليست في أحلام اليقظة في حد ذاتها،
ولكن في كَمِّها وفي مدتها. فإذا تحول حلم اليقظة إلى كل العمل أو إلى معوق
عن العمل أو التحصيل الدراسي بمعنى أن يظل الإنسان يحلم أغلب الوقت. فإننا
نكون بصدد حالة مرضية؛ لأنها تعوق الإنسان عن أداء وظيفته وتخرجه من عالم
الواقع الذي يعيش فيه إلى عالم من الأوهام لا ينتهي ولا يستطيع أو لا يريد
أن يفيق منه.

وعلى كل حال لا بد أن لا نعتبر أحلام اليقظة التي نعانى منها شراً ينبغي
مقاومته في ذاته ولكن نعتبرها منحة يجب أن نشكر الله عليها، ويمكننا
البدء في ترويضها واستثمارها بطريقة إبداعية وممتعة، ومن وسائل هذا:
1. علينا أن نعلم بأن أحلام اليقظة تعطينا فكرة عن طموحاتنا وأهدافنا، وما نراه في أنفسنا أو في واقعنا من عيوب، ونود إصلاحها.
2. أن يكون الدافع لدينا قويا للعمل الذي نقوم به(مثل أي نشاط واقعي كالمذاكرة).
3. أن نضع أمام أعيننا دائمًا الهدف أو الأهداف الذي نعمل من أجلها والتي نريد أن نصل إليها.
4. أن يكون لدينا خطة في عالم الواقع لنصل إلى ما نحلم به.
5. أن نبدأ في إعادة ترتيب حياتنا لاستثمار هذه الطاقة بدلا من كبتها وذلك بالاندراج في أنشطة كثيرة نافعة، وممتعة مثل:
 الكتابات الأدبية التي يتم بناء شخصياتها وأحداثها من الخيال ومخزون تفاعلاته وصوره.
 الرسم أو الأنواع الأخرى من الفنون والتدريب عليها.
 الرياضة.
6. التواصل مع الآخرين ومشاركتهم سواء فعليا أو عن طريق الإنترنت ويمكن
اطلاعهم على ما نصنعه وبهذا لا يكون الخيال بديلاً عن التواصل الإنساني بل
داعماً له.
7. بالنسبة للمذاكرة فيمكنا تغيير طرق التذكر وبعد
فإن لم يصلح هذا الإرشاد فلابد من استشارة طبيب نفسي فقد تكون مثل هذه
الأحلام عرضا لاضطرابات نفسية أخرى نعاني منها وتحتاج لفحوصات نفسية أو
فحوصات أخرى وقد تحتاج للعلاج بالعقاقير النفسية المساعدة.