محسن حسن سليمان : أنواع التفكير

وأول أنماط التفكير في حياة الإنسان هو :

1- التفكير الخرافي :

حيث يرد الإنسان الظواهر التي تزعجه كالرعد والحرائق والفيضانات إلى أسباب غير
علمية لأنه يجهل الأسباب الحقيقية ولأنه عاجز عن مواجهة هذه المشكلات وتبريرها أو
تفسير أسبابها ونتائجها ويواجه كثير من الأطفال في مدارسنا هذا النوع من التفكير
عندما ينساق وراء حكايات الجن والعفريت ويرد مخاوفه إلى هذه الفكرة لأنه عاجز عن
معرفة مشكلاته الحقيقية وعاجز عن دفع الخوف والتهديد عن نفسه مما اضطره إلى تلك
الطريقة البدائية في التفكير وهي التفكير الخرافي .

وإن هذا التفكير الخرافي يؤخر فهم الإنسان لعالمه المحيط به ويعوق استخدام
الإنسان لقدراته الكامنة في خدمته لنفسه وإيفائه لحاجاته .

وثمة مثال آخر للتفكير الخرافي هو لجوء الناس إلى السحر والدجل والبخت والزار
وقراءة الكف وتحضير الأرواح وقراءة الفنجان فكلها وسائل لدفع المخاوف عن النفس فيذهب
الإنسان المهدد إلى العرَّافين والدجالين ليساعدوه على معرفة الغيب حتى يتجنب
الإنسان الضرر وقد قال محمود سامي البارودي :

لو كان للمرء عقل يستضيء به *** في ظلمة الشك لم تعلق به النوب

ولكن غرض للدهر يــرشقه *** بأســهم مالها ريش ولا عقـب

أي أن الإنسان إذا أخطأ عليه أن يتحمل عواقب أخطائه فلن يدفعها عنه اطلاع على
الغيب فالإنسان عند وقوع المصيبة كالهدف الذي يصوِّب عليه الصيادون بنادقهم .

وينتشر التفكير الخرافي بين الجهلاء وحيث يتقوقع التعليم على الأساليب
التقليدية دون أن يسلح المرء أبناءه بأساليب التفكير حتى ينزل من محاربة الوهم
المجهول إلى فهم الواقع .

2- التفكير فيما وراء الطبيعة ( في الميتافيزيقا ) .

يرى العالم المحسوس مادة وأن المادة لا تفكر وراح يربط تصرفات هذه المادة
وتحركها بعلل فوق العقل البشري , كفكرة الآلهة وأنصاف الآلهة عند الإغريق حيث كانوا
يحركون العالم . وصارت تصرفات الناس غير مبررة لأنها منسوبة إلى قوى أكبر من قوى
الإنسان هي قوى ما وراء الطبيعة وهذا التفكير يرى أن كل شيء مستقل عن الأشياء
الأخرى بصفاته وجزئياته وتصرفاته وخصائصه وأفكاره ومنه نبعت فكرة الخصوصية . وأن
هذا التفكير يجرد من الأحداث الكبرى حكمة ومغزى إنساني يلخص التجارب الإنسانية في
مبدأ أو قيمة اجتماعية أو أخلاقية أو إنسانية إلخ .

فهو مذهب لتفكير البعض الذين يعتبرون أن المبادئ هي المسؤولة عن تفسير سلوك
الإنسان .

3- التفكير القائم على السلطة :

مذهب هؤلاء الذين يحاولون أن يصلوا إلى السلطة أولاً ثم يصلحون الحياة من حولهم
. الذين يرون المثل في الأخلاق والدين والاجتماع والسياسة والاقتصاد والتعليم
ويقتنعون بالمثل والقيم ويتبنون الدفاع عنها حتى إذا وصلوا للسلطة تعتبر هذه
الجماعة نفسها هي العقل المفكر وتفرض هذا التفكير على الأكثر بل وتفرض التعاون
عليهم وما على الأفراد إلا أن يتبعوا تفكير هذه السلطة مثال ذلك :

الأب الذي لا يبرر أفعاله وأقواله لأبنائه فهو مستبد في اتخاذ القرارات التي
يفرضها على أفراد الأسرة وكالعمدة في القرية الذي يستأثر لنفسه باتخاذ القرارات
ويفرضها على الأفراد دون مراعاة لفكر هؤلاء وهؤلاء .

وهو منهج متخلف لا يقدم الخير لأنه لا يقوم على مبدأ مسؤولية الفرد عن أعماله
وأن ما يفعله الإنسان لا يصدر عن فكره الخاص ويفعله دون اقتناع ويجعل الفرد كترس
في آلة أو كإناء في ساقية لا يشعر لنفسه بقيمة ولا لوجوده بحضور بين الناس . وأن يسقط
التنوع بين الناس فكلهم عبيد أمام فكرة مثالية وخدم يعملون على تطبيقها .

4- التفكير القياسي :

طريقة تفكير تنفع المراهقين والمراهقات حيث أنها تمكنهم من توظيف الحقائق
كمقدمات للوصول إلى حقائق جديدة كنتائج وتعلمهم أن المقدمات السليمة تؤدي لنتائج
سليمة .

وأنها تجعل الطالب يميز قبل القياس بين الرأي والمسلمة والرأي يصح كمقدمات
منطقية ومن عيوب هذه الطريقة :

أنها ترجئ اعتماد الطالب على التجربة المعملية للوصول إلى الحقائق وترجئ اعتماد
الطالب إلى طرق تفكير أعمق تنمي قدراته العقلية ...

فإذا كان التفكير الخرافي في المدرسة الابتدائية فالتفكير الميتافيزيقي
والمثالي والقياسي في المرحلة المتوسطة والإعدادية حيث يحرص الطالب على تعلم
الأخلاق وتفسير الظواهر في ضوئها أو التعصب لآرائه أو استخدام المقدمات والنتائج
كطريقة للتفكير .

5- المنهج التلفيقي :

عندما يتعلم الطالب مبادئ ومثل ومفاهيم من ثقافات متعددة فيحاول توظيف هذه
المفاهيم والقيم المختلفة في مصدرها في واقعه وبيئته ومن ثم

يوائم بين الوارد الثقافي وبين الواقع دون فحص أو دراية بطبيعة الوارد كمكون
ثقافي.

ومثال هذا المنهج :

نراه في تمسك طلاب المدارس الثانوية بالموضة الوافدة دون معرفة بمناسبة ظهورها
أو بالجماعة التي أنتجت هذا الطراز من الزي أو قصات الشعر أو ارتداء القفازات
وربما لو عرف الطالب أخلاق هؤلاء أو نظرتهم هم له لاشمأز من تقليدهم واعتز بذاته
المعبرة عن مكوناته الثقافية الأصلية .

وطريقة التفكير التلفيقي مناسبة لهذه المرحلة حيث أنهم يحاولون الاختيار من بين
أمور شتى هذا المعروض الثقافي وأن هذا الكم الثقافي يمنحهم فرصة للإبداع على مستوى
الرؤية الخاصة بالشباب حتى يستطيع اختيار ما يناسبه ويلائم واقعه بصدق .

6- التفكير العلمي :

طريقة إنتاج المعارف والأفكار والخبرات بواسطة التجربة الملاحظة والمشاهدة
العلمية وفرض الفروض وتحقيقها وغالباً ما تكون المعارف المنتجة صادقة لأنها بعيدة
عن ميول الشخص وأغراضه في الحكم على صحة الفكرة .

فالتجربة خير برهان ودليل على صدق الفكرة ويمر التفكير العلمي عبر منهج له
ثماني خطوات :

وأبسط ما نتعلمه من هذا المنهج في التفكير أن هناك فارق كبير بين العلم
والمعرفة والفكرة وبين طريقة إنتاج هذا العلم وطريقة الاختبار لصحته أو لخطئه ألا
وهي طريقة التفكير .

وعلى المعلم أن يعرض المعلومة في إطار من الفكر كطريقة إنتاج الفكرة أو كطريقة
اختبارها أو كطريقة إثبات عموميتها أو خصوصيتها عند مقارنتها بفكرة أخرى وان لا
يخلو حديثك في عرض المعلومة عن خطوات التفكير العلمي ووصف هذا التفكير وأول خطوات
التفكير العلمي :

1- الإحساس بالمشكلة :

لا تعتبر الأوهام التي تطوف بالأذهان مشكلات بل مشكلة واحدة هي مشكلة الوهم .
ويكون المرء قادر على الإحساس بالمشكلة عندما يجدها ملحة ولا تنصرف عن ذهنه ولا
يستطيع أن يصرف ذهنه عنها طالما لم يفسرها ولم يبحث لها عن أسباب وحلول وما مراحل
تكون المشكلة فعلى الفور يبدأ الإنسان بعد أن أحس بالمشكلة أن يقوم بـ ...

2- تحديد المشكلة :

وهي القدرة على تسمية المشكلة وتحديد أعراضها وتحديد جوهر هذه المشكلة أي يعرف
الطالب أن هذه المشكلة تكونت بناءً على وجود هذا الشيء . ويقوم بعزل جوهر المشكلة
عن بقية العناصر ويكتب المشكلة باسمها وجوهرها وأعراضها . ثم يقوم بـ ...

3- جمع الحقائق والمعلومات ذات العلاقة بالمشكلة :

يقرأ ويسمع ويشاهد ويتعلم تجارب الآخرين وبحوثهم عن مشكلات قريبة الشبه وكيف
كانت الأسباب والنتائج والحلول حتى يستطيع حصر الأسباب ومراحل تكوٌّن المشكلة
وبيان عمق وضخامة المشكلة ونتائجها وربما لجأ إلى استفتاء أو مناقشة عن المشكلة
لجمع أكبر قدر من المعلومات عن هذه المشكلة ثم يقوم بالبحث عن عدة حلول لهذه
المشكلة يعرف بمرحلة ...

4- فرض الفروض :

ويقدم الطالب عدة حلول قد يكون الفرض مبني على سبب أو مبني على التخمين أو مبني
على الظن يتم تدوين كل الفروض باعتبارها مقترحات لحل المشكلة في ضوء البيانات
والمعلومات التي تم جمعها سابقاً ثم يبدأ الطالب في ...

5- انتقاء الفروض :

ينتقي الطالب مقترحات الحل السابقة القائمة على أسباب علمية وإذا كان الاقتراح
المبني على التخمين مبدعاً في طريقته للحل يقدم للمرحلة التالية وهي ...

6- اختيار الفروض :

يختبر الطالب كل فرض أو مقترح للحل بوضعه في محاولة للحل فإذا تم الحل بهذا
الفرض ؟ فهو الفرض الصحيح وهذا يعرف بالاختيار عن طريق التجربة .

ويجرب الطالب كل الفروض وعندما يقوم خمسة فروض مثلاً بالحل فإنه يعيد المحاولة
في التجربة بشروط مختلفة لاختيار الحل الأصوب أو الأدق أو الأعم وهذا يعرف
بالاختيار عن طريق المقارنة وبعد التجربة والمقارنة بين الحلول يبدأ الطالب بـ ...

7- استخلاص القاعدة العامة أو القوانين النظرية :

يدون الطالب اسم المشكلة واسم الحل وخطوات الحل ثم الحلول البديلة .

8- استخدام النظرية أو القاعدة الجديدة :

كل نظرية كانت يوماً مشكلة ما واستخدمت القواعد في تحليل هذه المشكلة واستخراج
القاعدة والنظرية الجديدة لتستخدم في تحليل مشكلات جديدة .